1. التربية ومشكلات المجتمع (1) د
التربية ومشكلات المجتمع (1) د. عبد الله بن محمد آل صقر أستاذ الإدارة التربوية المشارك وعميد كلية التربية بوادي الدواسر جامعة سلمان بن عبد العزيز

2. التربية والمجتمع
إن التربية نشاط إنساني واسع المجال يحدث في المجتمع، وتتحدد أهداف هذا النشاط وأساليبه بحسب طبيعة المجتمع الذي يوجد فيه.
والتربية عملية اجتماعية تهدف إجمالا إلى تنشئة الأفراد بصورة سليمة متكاملة، ونقل ثقافة مجتمعهم إليهم للمحافظة على الانتماء والتماسك الاجتماعي.

3. التربية والمجتمع
وهنا تبرز تساؤلات مهمة: -ما المجتمع؟ -ما التربية؟ -ما طبيعة العلاقة بين المجتمع والتربية؟ -وما وظائف التربية في ضوء إجابتنا على الأسئلة السابقة؟

4. 1- المجتمع Society
هو مجموعة كبيرة من الناس، تعيش معا في جماعات متماسكة، في إقليم معين، وتجمعهم ثقافة واحدة ومصالح مشتركة، ولديهم إحساس بالانتماء للجماعة.
وعليه فكلمة مجتمع تشير إلى جماع من القوى الاجتماعية المتعاونة المنسجمة، ولكن في نفس الوقت قد تختلف فيما بينها، حيث تكون لكل منها أهداف ومصالح خاصة فرعية تختلف أو تتناقض مع أهداف ومصالح القوى الأخرى.

5. ولذا فإن أي مجتمع ينطوي على تناقضات ولا بد بين جماعاته المختلفة، تقوى وتضعف بحسب ظروف كل مجتمع، وهذه التناقضات تكون مصدر التغيير فيه، وبحسب قوة وضعف التناقضات يكون مدى تماسك المجتمع.
ومع ذلك فيبقى أن ثم أهدافا ومصالح عامة مشتركة بين جميع الجماعات والقوى الفرعية في المجتمع، يتفق عليها الجميع مهما كان بينهم من تناقضات، وعلى رأسها هدف البقاء والاستمرار.

6. وذكر البعض أن هناك ست حاجات أساسية على الأقل ينبغي على أي مجتمع أن يحققها ليحافظ على استمراره وتماسكه، وهي: 1-تناسل الناس في المجتمع، لضمان عدم الفناء بالموت. 2-ديمومة الصناعة الثقافية والاجتماعية، و إكساب الأطفال قيم المجتمع. 3-إنتاج الناس لحاجتهم المادية الأساسية، وتوزيعها عليهم بعدالة. 4-أن يسود قدر من النظام والاستقرار داخل المجتمع وخارجه. 5- معيشة الناس في مستوى معقول من الرفاهية والصحة البدنية والعقلية. 6-أن يجد الناس معاني وأهدافا كافية لدفعهم للعمل

7. ثانيا: التربية Education
من خلال معرفتنا لمفهوم المجتمع أدركنا أن التربية عملية اجتماعية تسعى إلى نقل التراث الثقافي والاجتماعي والمحافظة على بقاء المجتمع، وإكساب الأفراد المعارف والقيم المؤدية إلى ذلك، بما يؤهلهم لعضوية ذلك المجتمع بالشكل المرغوب فيه. والتربية في ضوء هذا المفهوم تنطوي على عدة جوانب: 1-كون التربية فن ومهارة 2-كون التربية عملية مؤسسية اجتماعية عامة 3-كون التربية مُنتج 4- كون التربية علم

8. تابع : التربية Education
1-كون التربية فن ومهارة: فهي نشاط يحتوي عملية تعليم وتعلم، تتطلب قدرا من المهارة في استعمال أساليب التعلم وطرق المعرفة، أي تتطلب قدرات إنسانية وتكنولوجية.

9. تابع : التربية Education
2-كون التربية عملية مؤسسية اجتماعية عامة:
فهي أداة المجتمع لنقل تراثه عبر الأجيال، وبالتالي فإن لها أهدافا ووسائل محددة من قبل المجتمع، لا يُقبل الخروج عنها، والتربية كذلك يسهم فيها عدد من الوسائط الأجهزة والمؤسسات الاجتماعية، لتحقيق أهداف التربية وبالتالي أهداف المجتمع.

10. تابع : التربية Education
3-كون التربية مُنتج:
أي أنها تسعى إلى إكساب الفرد قدرا من المعارف والمهارات والقيم، إذا اكتسبها قلنا أنها أتم تربية معينة.
وهي بهذا الاعتبار إما أن تكون تربية عامة تهتم بقدر من المعارف والمهارات التي تعد الفرد للمواطنة؛ أو تكون تربية متخصصة تهتم بحصول الفرد على نوع من المعارف والمهارات المؤهلة لعمل معين في المجتمع.
وعليه فإعداد الفرد للمواطنة يتطلب تربية عامة، وإعداده للعمل المتخصص يتطلب تربية خاصة.

11. تابع : التربية Education
4- كون التربية علم:
لأنها تمثل كيانا علميا، له نظرياته وقوانينه في مجال المعرفة، وله فروعه المتعددة. وله علاقاته التأثيرية التبادلية مع العلوم الأخرى.

12. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
سبق القول بأن التربية عملية اجتماعية تسعى إلى تحقيق أهداف المجتمع بنقل التراث، وتنشئة الأجيال، والسعي للبقاء والاستمرار.
وأن هذه العملية تتحدد طبيعتها وأهدافها ووسائلها بحسب طبيعة المجتمع التي تحدث فيه وظروفه المحيطة به، ولذا يختلف واقع التربية ونوعها من مجتمع لآخر.
وعليه فالتربية للمجتمع، وهي وسيلة في يده. وهي متغير للمجتمع.
ولكن التربية في المجتمع، وقد أوجدها لتطويره ورقيه واستمراره.

13. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
فالعمل التربوي يتطلب وضوحا في الأهداف التربوية، والأهداف التربوية لابد أن تكون في ضوء مطالب وأهداف المجتمع.
والعمل التربوي يقوم على أركان أساسية وهي:
-لماذا نربي؟
-بماذا نربي؟
-كيف نربي؟
-من نربي؟

14. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
لماذا نربي؟ سؤال يتعلق بتحديد الهدف من عملية التربية. ويلزم المربين تحديد الأهداف، ولا يمكن تحديدها إلا وفقا لطبيعة المجتمع وأهدافه.
بماذا نربي؟ سؤال يتعلق بمحتوى التربية، ويلزم المربين تحديده في ضوء طبيعة المجتمع، ومستوى المدنية والحضارة فيه، ونوعية الاهتمامات المعرفية للمجتمع (تقنية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية ... الخ ) ومن ثمَّ تكوين الجزء الأكبر من محتوى المناهج التعليمية في مراحل التعليم المختلفة، والأجهزة المختلفة.

15. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
وتعليم الفرد في المجتمع لا يخرج عن ثلاثة أشياء رئيسة:
1-المعارف والمعلومات Learns what
2-المهارات والأساليب Learns How
3-القيم الأخلاقية Learns why
وقد ترد مشكلة في المحتوى التعليمي في الوزن النسبي لكل جزء من الأجزاء الثلاثة في المنهج، فأيها يحتل مكانة أكبر وأيها أقل، وذلك يتحدد بطبيعة المجتمع أيضا.

16. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
كيف نربي؟ سؤال يتعلق باختيار طرق التعليم وأساليبه ووسائله، الكفيلة بتحقيق أهداف التعليم المبنية على أهداف التربية المحددة بطبيعة المجتمع وظروفه والقوى والعوامل المؤثرة فيه والمتأثر به. ومدى قدرة هذه الوسائل على تحويل محتوى التعليم (معارف، مهارات، قيم) إلى واقع يعبر عنه الأفراد بسلوكهم.
إن اختيار طرق التعليم وأساليبه ووسائله تتحدد بحسب النظام التعليمي، والنظم التعليمية تتخذ أنماطا مختلفة بين الديمقراطية والدكتاتورية، وتتنوع فيها أساليب التعليم والتعلم بحسب البعد والقرب من هذين القطبين.

17. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
من نربي؟ سؤال يتعلق بنوعية من نربيهم اجتماعيا وفلسفيا
اجتماعيا هل التربية حكر على أبناء الصفوة، أم أنها حق عام للشعب، أم هناك أنواع من التربية الخاصة للصفوة، وأنواع من التربية العامة للشعب
وفلسفيا هل نهتم في التربية بتهذيب العقل فقط أم العقل والروح فقط، أم العقل والروح والجسم.

18. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
كل ذلك مرتبط بما سبق من أسئل عن الهدف والمحتوى والوسيلة، وتتوقف الإجابة عنها على تحديد نوع المجتمع وطبيعته وظروفه.
إن التربية في أي مجتمع تتحدد طبيعتها في أهدافها ومحتواها وأساليبها وأفرادها بحسب طبيعة المجتمع الذي توجد فيه، ولذا فإن النظم التربوية تختلف باختلاف المجتمعات، وعليه فالتربية تابعة للمجتمع، وهي متأثرة به ومؤثرة فيه.

19. طبيعة العلاقة بين التربية والمجتمع
والدراسة لتاريخ التربية تؤكد تبعية التربية للمجتمع، حيث إن أي تغير في أهداف المجتمع ونظمه والظروف المحيطة به ينشأ عنه تغير في أهداف ونظم التربية ولا شك
وعلى سبيل المثال فإن النهضة التي قامت في دول الخليج العربي قد أحدثت تغيرات هائلة في التعليم كما وكيفا، نظرا للتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في المنطقة

20. * الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
* الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
التربية نشاط إنساني يهدف إلى تحقيق أمرين:
1-التوازن الاجتماعي.
2-التوازن النفسي الذاتي.
وهذان الأمران يعبران عن وظيفتين مزدوجتين للتربية

21. * الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
* الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
فالجانب الاجتماعي يمثل عملية نقل التراث الثقافي والمعايير والقيم السائدة في المجتمع وتشرب الفرد لها والعمل بمقتضاها وعدم الخروج عنها وتوارث ذلك عبر الأجيال. (التنشئة الاجتماعية)

22. * الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
* الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
والجانب النفسي يمثل عملية تنمية شخصية الفرد واستقلال ذاتيته وحرية تفكيره التي تستدعي تطوير التراث ومن ثم تطوير المجتمع. لتتكامل لديه مراحل المعرفة فيخرج من مرحلة نقل المعرفة إلى مرحلة نقد المعرفة ثم إلى مرحلة إنتاج المعرفة. (تنمية الذات)

23. * الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
* الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
وهذه الازدواجية في واقع التربية ووظائفها قد يبدو أنها تنطوي على تناقض بين حاجات الفرد ورغباته وحاجات المجتمع وتطلعاته، ومدى هذا التناقض وحدته يختلف بحسب نوع وطبيعة المجتمع الذي تتم فيه التربية.
فيظهر التناقض واضحا في المجتمعات الدكتاتورية والتي تغلب تطلعات المجتمع على رغبات الفرد، وتصوغ النظم التربوية وفقا لذلك، بينما في المجتمعات الديمقراطية تقل حدة هذه التناقضات ويظهر الانسجام والتكامل بدلا منها.

24. * الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
* الازدواجية في وظيفة التربية ،،،
فالخلاصة أن التربية تهتم بوظيفة التوازن الاجتماعي ووظيفة التوازن النفسي مع التكامل والانسجام فيما بينهما. ويمكن تشبيه الأمر بالحق المغناطيسي ذي القطبين الموجب والسالب، فلكل منها قوة لا يمكن أن تتطابق أو تتقارب تماما ولكن لابد من رابط يجمعهما ولو افترقا تماما لم يكن هنا حقل تأثير مغناطيسي.