نظرية التضخم THE THEORY OF INFLATION الباب العاشر نظرية التضخم THE THEORY OF INFLATION
تعتبر مشكلة التضخم من أهم المشاكل الاقتصادية المعاصرة في كثير من بلاد العالم ويعرف التضخم على انه عملية تزايد مستمرة وملموسة في المستوي العام للأسعار ، أي أن التضخم لا يصف حالة ارتفاع الأسعار في البنيان الاقتصادي بل عملية تزايد هذه الأسعار – ومن ذلك فإن التضخم احد حالات عدم التوازن والذي يجب تحليله ديناميكيا بدلا من الاعتماد على تحليله استاتيكيا . وتوجد أنواع مختلفة من التضخم وفقا لمصدر التضخم وهي تضخم الطلب ، تضخم التكاليف ، التضخم الخليط (من الطلب والتكاليف )، وتضخم التعلية .
تضخم الطلب Demand Inflation توجد عدة نظريات لتضخم الطلب وأولى هذه النظريات هي النظرية الكلاسيكية ، وتبين النظرية الكلاسيكية أن المستوي العام للأسعار يعتمد على كمية النقود في البنيان الاقتصادي بدرجة مباشرة وتناسبيه ووفقا لهذا المنطق فإن معدل التضخم – أي معدل التزايد في الأسعار يتوقف على معدل الزيادة في كمية النقود ويتوقف التضخم عندما تصبح كمية النقود ثابتة .
وقد قام كينز بتحليل مشكلة التضخم وقد افترض وجود عمالة كاملة ، وفى مثل هذه الحالة فإن زيادة الإنفاق الاستثماري سيؤدي حتما إلى زيادة الطلب الكلى عن العرض الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار نظرا لان مبيعات السلع والخدمات عند أسعار مرتفعة يخلق زيادة مساوية في الدخول النقدية . وقد قام كينز بالتمييز الصحيح بين تأثير كل من عرض النقود والطلب الكلى على التضخم وقد قرر كينز أن البنيان الاقتصادي يمكن أن يعاني من مشكلة التضخم حتى لو كانت كمية النقود ثابتة . ويجب أن يلاحظ القارئ أن ذلك يعتبر اختلافا جوهريا عن النظرية الكلاسيكية
كيفية التحكم في تضخم الطلب لقد سبق أن بينا أن زيادة العرض النقدي تؤدي إلى التضخم في حالة ما إذا كان البنيان الاقتصادي في حالة عمالة كاملة . ومن الطبيعي فإن تضيق هذا العرض قد يتسبب في الحد من الفجوة التضخمية وبالتالي الحد من أثارها. وذلك عن طريق رفع سعر الفائدة لتثبيط الإنفاق الاستهلاكي . وقد تستخدم السياسة الضريبية للحد من الإنفاق الاستهلاكي ولكن لهذا الأسلوب محددات سياسة فالحكومة لا يمكنها رفع الضرائب بدرجة كبيرة .
تضخم التكاليف Cost Inflation ينشا تضخم التكاليف نتيجة لضغط النقابات العمالية لرفع الأجور ، ويبين هذا التحليل أن الأجور في الاقتصاد الزراعي لا تتحدد فقط بقوي العرض والطلب للعمال بل تخضع لقوي المساومة للنقابات العمالية والمنشات . وعليه فإن الأجور لا تزيد فقط عندما يزيد الطلب على العمال عن عرض العمال . وتؤدي المساومة إلى رفع الأجور التي لم توجد زيادة في الطلب على العمال بل ربما قد تكون هناك زيادة في العرض .
ويختلف تضخم الطلب عن تضخم التكاليف في أن ارتفاع الأجور قد لا يكون لجميع أنواع العمل كذلك ليس في جميع قطاعات البنيان الاقتصادي أي أن تضخم التكاليف ليس له صفة الشمول مثل تضخم الطلب . ويحدث تضخم التكاليف عندما يتنافس رجال الأعمال على العمال وبالتبعية ترتفع الأجور كما أن الأجور قد ترتفع نتيجة للضغوط العمالية حتى لو لم تكن هناك ندرة في العمالة وإذا ما ارتفعت بمعدل يفوق التحسين في الإنتاجية فإن ذلك يرفع تكاليف الإنتاج مما يدفع رجال الأعمال إلى رفع الأسعار ومن ثم يحدث التضخم .
التضخم الخليط (الطلب والتكاليف) Mixed Demand – Cost Inflation قد لا تكون الزيادة في الطلب عامة في البنيان الاقتصادي فقد تحدث زيادة في الطلب على منتجات قطاع معين دون القطاعات الأخرى ، وإذا ارتفع الطلب على منتجات أحد القطاعات فإن أسعار هذه المنتجات ترتفع وبالتالي يرتفع الربح .
وهذا الوضع يؤدي بأصحاب الأعمال في هذا القطاع إلى التوسع في الإنتاج ويستلزم هذا التوسع زيادة العمالة والتي يمكن تحقيقها برفع الأجور . إلا أن العمال في الصناعات الأخرى عندما يجدون ارتفاع معدلات الأجور في هذه الصناعة يرغبون في تعديل أجورهم في صناعتهم حتى على فرض عدم وجود زيادة في الطلب على العمال . لذلك يمكن القول أن التضخم العام قد يحدث دون زيادة عامة في الطلب ولكن نتيجة لطلب زائد في أحد قطاعات البنيان الاقتصادي . ومن ذلك يتبين أن قوي التكاليف لم تبدأ التضخم ولكنها ساعدت في انتشاره .
تضخم التعلية Mark up Inflation ينشا هذا النوع من التضخم من تقاليد قطاع الأعمال في وضع الأسعار . وتوضع الأسعار في هذه الحالة وفقا للتكاليف المباشرة وتكاليف العمالة بحيث يغطي السعر هذه التكاليف كذلك يسمح بتغطية التكاليف الثابتة ويسمح أيضا بهامش من الربح كما أن العمال يحاولون الحصول على الأجور التي تحافظ على مستواهم المعيشي وذلك بمقارنة الأجور النقدية بالرقم القياسي للأسعار .